
توصيات بدراسة الخطاب الإعلامى العربى تجاه أزمات الأقليات المسلمة على مستوى العالم
رسالة دكتوراه بإعلام القاهرة توصي بدراسات مقارنة بين الإعلام الآسيوى الأوروبى نحو قضايا الأقليات المسلمة

فريدة محمد
حصلت د .هند الغمري على درجة الدكتوراه من كلية الأعلام جامعة القاهرة بمرتبة الشرف الأولى مع التوصية بالنشر والتبادل مع الجامعات الأخرى، وحملت الرسالة عنوان "اتجاهات الخطاب الصحفي الأسيوي إزاء قضايا المسلمين في آسيا.
وسعت الدراسة لرصد وتحليل اتجاهات الخطاب الصحفى الآسيوي إزاء قضايا المسلمين فى آسيا خلال عام 2022 بالتطبيق على صحف Global times الصينية و Times of India الهندية و The star الماليزية و The Daily Star فى بنجلاديش و Dawn الباكستانية للمقارنة بين خطاب هذه الصحف والوقوف على أوجه التشابه والاختلاف فى الأطروحات الواردة بها خلال 2022م التي تزامن معها تصاعد وتيرة الأحداث المتعلقة بالمسلمين فى آسيا، وارتفاع معدلات نشر مواد صحفية متعلقة بالمسلمين فيها، وكذلك رصد الأطر التي تم توظيفها فى الخطاب الصحفى الأسيوي خلال فترة الدراسة والتعرف على الشخصيات المحورية التي برزت بالخطاب للوقوف على أوجه التشابه والاختلاف بين تغطية الصحف الخمسة محل الدراسة.
ووضعت الدراسة مجموعة من الأهداف الفرعية التي تتكامل فيما بينها للكشف عن سمات الخطاب الصحفى الآسيوى تجاه قضايا الأقليات المسلمة فى آسيا، من خلال تحديد حجم اهتمام صحف الدراسة بقضايا المسلمين فى آسيا والكشف عن تأثير العوامل السياسية والاقتصادية والثقافية فى الدول عينة الدراسة على الخطاب الصحفى تجاه قضايا المسلمين والكشف عن المصادر التي اعتمدت عليها كل صحيفة وانعكاساتها على توجهات الخطاب الصحفى إزاء قضايا المسلمين ورصد وتحليل الأطروحات التي تم إبرازها فى الخطاب الصحفى الآسيوي حول قضايا المسلمين فى الدول عينة الدراسة، والتعرف على أبرز القوى الفاعلة ومسارت البرهنة التي تم توظيفها فى الخطاب الصحفى تجاه قضايا الأقليات فى الدول الآسيوية مع رصد وتحليل الأطر الإعلامية التي استخدمتها صحف الدراسة فى تناولها لقضايا المسلمين فى الدول عينة الدراسة من أجل تحديد أوجه التشابه والاختلاف بين ملامح الخطاب الصحفى تجاه قضايا الأقليات المسلمة فى الصحف عينة الدراسة.
واعتمدت الدراسة على مجموعة من المداخل النظرية التي أسهمت فى تحديد أهداف الدراسة وتساؤلاتها هى مدخل التدفق الخبرى، ونظرية تحليل الإطار الإعلامى، ومدخل التحليل الثقافى، واعتمدت الدراسة على منهج المسح بأسلوب المقارنة المنهجية، كما اعتمدت الدراسة على أداة تحليل الخطاب الإعلامى كمدخل تحليلي كمى وكيفي للكشف عن مختلف التوجهات الفكرية التي عكستها معالجات الصحف الآسيوية عينة الدراسة حول قضايا المسلمين عن طريق رصد الأفكار والأراء المطروحة داخل المعالجة الصحفية لأسباب القضايا ونتائجها وحلولها وسيناريوهاتها المستقبلية من خلال تحليل مسارات البرهنة والقوى الفاعلة والأطر المرجعية فى الصحف عينة الدراسة Global Times, Times of India, The Star, Daily Star, The Dawn من خلال فئات تحليل شاملة تفي باحتياجات الدراسة وأهدافها.
وضمت استمارة تحليل الخطاب الفئات التالية: القوالب المستخدمة لتناول قضايا الأقليات المسلمة فى آسيا و مصادر الصحيفة التي تم الاعتماد عليها فى تناول القضايا و المصادر المحلية والأجنبية الواردة داخل المتن فى المواد الصحفية المنشورة والأطروحات ومسارات البرهنة الواردة بشأن القضايا إلى جانب القوى الفاعلة الدولية والداخلية الواردة فى المادة الصحفية بشأن القضايا والصفات المنسوبة لها والأطر الإعلامية المستخدمة لتقديم القضايا فى الصحف عينة الدراسة واستراتيجيات الإقناع المستخدمة لتقديم القضايا فى الصحف عينة الدراسة وأسباب حدوث القضايا كما جاء فى الصحف عينة الدراسة وكيفية تناول القضية واتجاهات الخطاب الصحفى تجاه القضايا وآليات تقديم القضايا فى الصحف عينة الدراسة.
وتحددت الفترة الزمنية للدراسة فى عام 2022 نظرًا لما شهده هذا العام من تصاعد وتيرة الأحداث الخاصة بالمسلمين فى آسيا وتزايد اهتمام الصحف بهذه القضايا، فقد تم اختيار عام 2022 كإطار زمني للدراسة لما شهدته من أحداث كاشفة تتعلق بقضايا الأقليات المسلمة فى آسيا وإعلان المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة الأمم المتحدة عام 2022 باعتباره أسوأ الأعوام على الأقليات المسلمة.
وخلصت الدراسة إلى تنوع العوامل التي أثرت على الخطاب الصحفى المنشور فى الصحف عينة الدراسة ما بين عوامل سياسية مثل طبيعة العلاقة بين النظام السياسي ووسائل الإعلام بشكل عام والصحافة بوجه خاص وما يترتب عليه من توظيف الخطاب الصحفى من قبل السلطة السياسية وانعكاس التوجهات الإيديولوجية للسلطة الحاكمة على المواد الصحفية المنشورة وعوامل اقتصادية، وما يندرج ضمنها من حجم علاقات التبادل التجاري والتعاون الاقتصادى بين الدول، وعوامل ثقافية تتمثل فى الطابع الثقافى السائد فى كل دولة والتركيبة السكانية والعادات والتقاليد والمعتقدات الثقافية وتأثيرها على الخطاب الصحفى المقدم بشأن قضايا الأقليات المسلمة فى آسيا.
فجاءت نتائج الدراسة التحليلية متسقة مع الفرضية الرئيسية لنظرية تحليل الأطر الإعلامية المستخدمة فى الدراسة، حيث ظهر تأثير سياسة الدولة والانتماء الأيديولوجى للصحف على طبيعة مصادر المادة الصحفية والأطروحات المقدمة والسمات المنسوبة للقوى الفاعلة والأطر المستخدمة لتقديم الأزمة محل الدراسة.
وأثر التوجه الرسمي للدولة التي تنتمى إليها الصحيفة ثم الانتماء الأيديولوجى للصحيفة على الخطاب الصحفى المقدم تجاه الأزمة. وقد اتفقت الصحف على اختلاف توجهاتها فى تأثرها بالسياسة الرسمية للدولة التي تنتمى إليها والعلاقات الثنائية بين الدولة المنتجة للخطاب والدولة صاحبة الأزمة.
كما أبرزت النتائج أن الخطاب الصحفي هو خطاب أيديولوجي يسعى للتركيز على بعض الجوانب وإخفاء البعض الآخر لصالح رؤية الدول منتجة الخطاب الصحفي. وقد ظهر ذلك من خلال تحليل الخطاب الصحفى المقدم بشأن أزمة الروهينجا فى ميانمار وأزمة الإيغور فى إقليم شينجينج الصينى.
وأوصت الدراسة بضرورة تضافر جهود الدول الإسلامية لتقديم كافة أوجه الدعم للأقليات المسلمة فى دول العالم المختلفة من خلال المعالجة الإعلامية الفعالة لأزمات الأقليات المسلمة، والالتزام بأخلاقيات المهنة فى كل وقت وبصفة خاصة فى أوقات الأزمات، بما يضمن إمداد أفراد المجتمع بالمعلومات والحقائق فى إطار المسؤولية الاجتماعية.
وأوصت الدراسة أيضا بتوحيد الخطاب الرسمي لمواجهة الشائعات أثناء التعامل مع الأزمات، وتعزيز الجهود الإعلامية الحكومية والخاصة فى الدول الإسلامية للتصدى للتصورات المشوهة المتداولة للأقليات المسلمة.
واقترحت الدراسة مجموعة من الإشكاليات البحثية التي من الممكن أن تكون محل اهتمام عدد من الباحثين فى المستقبل وهى :إجراء دراسات مقارنة بين ما يقدمه الإعلام الآسيوى والإعلام الأوروبى نحو قضايا الأقليات المسلمة مع التوسع فى إجراء دراسات جمهور؛ للتعرف على اتجاهات الجمهور نحو تلك الأزمات مع التركيز على دور الإعلام فى تكوين معارف الجمهور وتحديد مدى فاعلية دور الإعلام فى إطلاع الجمهور على القضايا والأزمات المهمة.
وشملت التوصيات دراسة الخطاب الإعلامى العربى تجاه أزمات الأقليات المسلمة على مستوى العالم، وإجراء دراسات مقارنة بين التغطيات المقدمة عن أزمات الأقليات خلال فترات زمنية مختلفة أو فى دول تضطلع بدور فى الأزمة إلى جانب تحليل محتوى الصحف الناطقة باللغة الأولى فى كل دولة، وتحليل الخطاب الذي يقدمه الجمهور أو الشخصيات العامة بوسائل التواصل الاجتماعى مثل الفيسبوك ومنصة اكس على سبيل المثال.
شملت التوصيات دراسة دور القائم بالاتصال فى بناء تحيزات فى المعالجة الإعلامية المتعلقة بقضايا الأقليات، ودراسة مقارنة عن صورة الأقليات فى وسائل الإعلام الأمريكية والآسيوية والعربية، وإدراج المحتوى المرئي، في الجهود البحثية لما له من تأثير قوي على إدراك وفهم الجمهور للقضية، ودراسة اتجاهات الجمهور نحو التغطيات المقدمة حول أزمات الأقليات المسلمة من خلال إجراء مقابلات مع اللاجئين والصحفيين.
ناقش الدراسة د. هناء فاروق أستاذ الصحافة بكلية الإعلام و د. الشيماء على عبدالعزيز رئيس قسم بحوث الاتصال الجماهيري والثقافة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية و. د إيمان حسني أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة.